ماذا لو كان الرئيس ترامب يحكم المغرب زمن كورونا؟ – #المغرب

حينما تصدر الحكومة المغربية قرارًا، بتمديد الحجر الصحي شهرًا كاملًا في مدن المغرب مع تخفيف في مدن أخرى، فذلك لا يعني مطلقًا أن لها في ذلك مصلحة خاصة بعيدة عن مصلحة الشعب فردًا فردًا، فالقرار يبنى على دراسات علمية واعتبارات مخبرية، وتكاثف جهود وبعد نظر ليبقى الأمن القومي المغربي بمنأى عن التهديد.

من الخاسر الأكبر من قرار الحجر الصحي الذي اتخذته الحكومة المغربية؟

هنا يجب أن ندرك أن الحكومة هي الخاسر قبل المواطن من هذا الحجر فتداعياته الاقتصادية الآن وبعد نهايته تشكل عبئًا ثقيلًا، ينعكس على عدة جوانب اقتصادية واجتماعية وربما حتى سياسية، وإذا كانت خسارة كثير من المواطنين محققة أيضًا سواء كانوا شركات او أفراد فهي أقل من خسارة الحكومة، ولكن إذا حكمنا منطق الحكمة والعقل، القاضيان بالاعتبار لواقع الأمر والاحتياط من الأسوأ فإن ربح الحكومة والشعب حقيقة تفوق صورة الخسارة، فلو كان ترامب هو من يحكم المغرب لما فرض حجرًا خوفًا من الخسارة، كما فعل في أمريكا وساعتها كانت نسبة الوفيات لتتجاوز  100 ألف

وما يصبحها من ذعر وكوارث نفسية وفتنة هي أشد من القتل  كما لاحت نارها اليوم عند أول شرارة عنصرية، وقد يتهاوى بسبب ذلك الاقتصاد الأمريكي بشكل غير مسبوق يسبب دمارها كليًا، لكن ولله الحمد لم يتجاوز عدد الموتى بكورونا في المغرب حاجز 113حتى الآن، وهو رقم يعكس عناية الله ورحمته بهذا البلد، كما يعكس حكمة القيادة الملكية في تدبير الأزمة وإدارتها وكفاءة الحكومة وتشكيلاتها في كل الوزارات المعنية والخبراء والأطباء في مواجهة الأزمة.

هل قد حققت الحكومة المغربية نموذجًا في مواجهة “كورونا”؟

نعم هناك تفاوت ديموغرافي ينبغي وضعه في الاعتبار كعامل في المقارنة، لكنه لا اعتبار له حقيقة عندما ننظر إلى عامل الإمكانيات المالية والعلمية، وكذلك نمط الانتشار الديموغرافي (فشوارع نيويورك ليست هي شوارع طبنجة مثلًا) فالتفاوت في هذين العاملين له اعتباره أيضا يلغى به الاعتبار الديموغرافي مستقلًا.

لو كانت أمريكا أو فرنسا أو إيطاليا أو ألمانيا أو استراليا أو غيرها حققت نتائج مشابهة لما حققه المغرب بفضل الله- لاعتبرت ذلك انجازا تاريخيًا ولاحتفت به بأصوات مدوية يحسدها على إيقاعه العالم، هذا يعني أننا يجب أن نكون جديرين بهذا الشرف الذي حققته دولة المغرب وأن نحمد الله على لطفه وعنايته وتوفيقه… وأعني بمفهوم الدولة قيادتها ممثلة في الملك محمد السادس حفظه الله وحكومتها بكل وتشكيلاتها وفروعها التي أشرفت على إدارة الأزمة وشعبها الذي لعب دورًا محوريًا في تجاوزها بوعي وصبر وتفهم للمصلحة العليا للبلاد وأمنها وسلامتها.

ماهي الشريحة الأكثر تضررًا؟

هنا لا نتجاهل المعاناة… ولا حتى وقوع التجاوزات… ولا ألوم من يشتكي أو يصرخ… لكن لا ينبغي مطلقًا أن ينزل الوعي عن مستوى تفهم الحدث واستحقاقاته ومكاسبه ولطف الله بالبلاد والعباد… فما تحقق يبعث على الفخر…  إن تلك الإعانات المادية والعينية النسبية التي صرفتها الحكومة للتخفيف من حدة الأزمة هي بالأساس قرار استراتيجي يهدف لحماية اقتصاد البلد ككل ،بغض النظر عن حجم وعدد المستفيدين، والمفترض أن تحقق الهدفين معًا : إكساب المعدوم المحبوس عن عمله وإنقاذ القدرة الشرائية والإنتاجية كعوامل لحفظ الاقتصاد… وهو أمر نسبي التحقق كما أسلفت والنسبية هنا تتعلق بالقرار الحكومي في مسألة تحديد حجم الإعانات كما تتعلق بتنظيم الإجراءات وهنا يمكن تصور التجاوزات التي قد يتضرر منها هذا وذاك… لكن هذا لا ينسينا الإنجازات.

ولا يفوتني هنا الحديث أولئك الغيورين على بيوت الله المغلقة، فغيرتهم تحمد لكن كاقتراح لا كاحتجاج، فلا خبير بين أولئك الغيورين يستطيع تقييم مفاسد فتح المسجد فهذا قرار يتطلب عملا مؤسسيا واسعا ، ووحدها الحكومة من يقوى على تنسيقه، مع أن سؤالا طبيعيا يوضح اللبس وهو : ما مصلحة الحكومة في إغلاق المساجد؟ فهي لا تجني من إغلاقها ربحًا… ولا نية لها في هدمها..إنما هو إجراء احترازي حرصا على سلامة الشعب لتفادي ضرر كبير محتمل ، وهذا من سعة رحمة الله  وسماحة شريعته، على أن من يقرر حكمًا كهذا هم علماء البلد لا آحاد الناس، ولا مجال للمقارنة بين الأسواق والمساجد، إذ لا يقارن الممكن بالممتنع لوجود الفارق الذي بعقله كل الناس.

هل تبخس الرؤية النقدية دائمًا محاسن الأمور إيجابياتها؟

إن الرؤية النقدية تكون جاحدة، حين تستنكف رفع الرأس بمنجزات الدولة في مواجهة أزمة كورونا، وتكون أكثر جحودًا وظلمًا حين تجعل من تلك الإنجازات لاشيء!! وتخلط الأوراق في وقت الحاجة إلى وحدة الموقف.. فحق لكل مغربي أن يحمد الله على عبور أزمة كورونا بسلام وإن يكون ما تحقق من انجازات تاريخية في هذا السياق باعثًا على الفخر والاعتزاز بالمغرب كوطن يمثل حضارة والحمد لله رب العالمين.

فيديو مقال ماذا لو كان الرئيس ترامب يحكم المغرب زمن كورونا؟

أضف تعليقك هنا