القسوة القريبة

إن القسوة موجودة بقلوب الكثير وفي أوساطنا ووسط حوارنا ونقاشنا وعند لقائنا وفي لساننا وفي عقولنا وعند تفكيرنا… إن القسوة غير غائبة عنا فهي منا تخرج ومن غيرنا نتلقاها… إن القاسي يقسو بالكلام بالفعل بالنظرات بالتلميحات… بالشهادة الزور بالتعدي بالتجاوز.

أين تتواجد القسوة؟

في الخداع القسوة… وفي الكذب القسوة… وفي الظلم القسوة… في السخرية القسوة… وفي الضرب القسوة… وفي الإهانة القسوة… وفي البخل القسوة… وفي الإهمال والتقصير القسوة… وفي الوقاحة القسوة… وفي التوسل القسوة… وفي الخيانة القسوة… وفي النهب والاستغلال القسوة… وفي الشر القسوة… وفي الكثير والكثير الموجود يوميًا معنا تلك القسوة الموجعة المؤلمة.

ممن تأتي القسوة؟

إن القسوة تأتي من القريب فلو كانت من البعيد لما كنا اعتبرناها بالقسوة ولما كنا توجعنا وتألمنا واحترقنا بنار القسوة لأنه بعيد وغريب فلن يؤثر فينا التأثير الكامل المؤدي الى دمار القلب والنفسية وانما القسوة التي تأتي من القريب المعروفة بالقسوة القريبة هي من تقتلنا ونحن أحياء ونبقى أحياء.

قسوة الأخ شديدة وقسوة الأب عظيمة وقسوة الأم لا توصف وقسوة الابن تقهر… وقسوة المحب تطعن… وقسوة النفس لنفسها تدمر… فالقسوة القريبة لا تغيب وحاضرة وبقوة وبالأخص اليوم مادامت الأنانية والمصلحة الخاصة هي الأولى وسابقة للجميع وإن كان القريب والقريب جدًا وهذا ما جعل تلك الأناني والمهتم بمصلحته يدوس ويطعن ويرمي كل من بطريقة وإن كان منه وهو منه وان كان ذلك الأب الذي تعب وعمل وربى أو تلك الأم التي حملت وسهرت وضحت… أو تلك الأخ الذي هو الحماية والسند أو الابن الذي هو الأمل والعضو الحساس…

كيف استحوذت القسوة على قلوبنا؟

تعودنا على القسوة… تعودنا على تلقيها واستعمالها حتى في الذي ليس فيه القسوة ولا يجوز أن تكون فيه القسوة إلا أننا أدخلنا القسوة في قلوبنا وفي أمتنا ضمائرنا بسكين القسوة ..في المواضع وفي جميع الأماكن ومع كل الأشخاص نحن نقسو ونقسو ولا يهمنا من أمامنا وإن كان الوقت والمكان مناسب كل هذا لا يهم فقد أصبحنا عنوان القسوة والقاسي أما قاسي من قسوة أو قاسي بلا قسوة… فالذي تلقى القسوة من كثرة قسوة القريب خاصة يتحول إلى قاسي ليذيق الذي أذاقه القسوة نفس قسوته مع الزيادة دوما فيتألم فيشعر بمن قسى عليه

وهذا خطأ ولا يجوز فلا رد على القسوة بالقسوة وإن كانت أقل وبالحجم الصغير فلا يمكن فالمسلم لا يقسو على أخيه وإن قسى والأم لا تقسى على ابنها وإن قسى عليها والأب لا يقسو على أولاده وإن قسوا والابن لا يقسوا على الأصل وإن قسى وبشدة فالعاقل المحب الطيب المؤمن لا يقسوا وإن تلقى بدل القسوة ألاف فهو بعيد وجد بعيد عن القسوة ولا يستعمل قاعدة المعاملة بالمثل أو الرد بالمثل نهائيًا.

ما الأثر الذي خلفته قسوة الغير على سلوكنا الاجتماعي؟

تعلمنا القسوة وفضلناها وارتبطت بنا وأصبحنا لا نتخلى عنها لأننا وجدنا في الجبروت والطغيان والتسلط والقوة والشجاعة الكاذبة فلا القوي يقسوا ولا الشجاع يقسوا وأصلًا القوة والشجاعة ليست فيها القسوة بتاتًا… إلا أن هناك من يعتبر القسوة ذلك السلاح الذي يحارب به القريب قبل البعيد وهذا أكبر ذنب وخطيئة والقاسي مجرم قد أذى غيره بقسوة لا يتقبلها أحد وإن كان مذنب أو مخطأ فالعقاب القاسي يسلط على من لا يملكون قلوب ولا يشعرون وكانوا سباقين للقسوة… متى قسى عليك قريبك لا تفكر برد القسوة فهو ذلك القريب الذي ينتسب إليك وتنتسب إليه فكن رحيما في عز قسوته وألمك من قسوته.

فيديو مقال القسوة القريبة

أضف تعليقك هنا