لحظات

بين الماضي والحاضر اختلافات كثيرة في طبيعة الحياة نفسها والتغييرات الحاصلة على البشر. من أهم هذه التغييرات أن إيقاع الحياة السريع جعل الاستمتاع في كل شيء لحظي ووقتي مما خلق نوعا من عدم الاهتمام واللامبالاة بالإحساس بالأشياء التي نعيشها يوميا أو الأحداث التي أصبحت عادية جدا لتكرارها.

التوازن بين العقل والعاطفة

فقلما نحزن حزنا شديدا على فقدان شخص غالٍ أو وظيفة ما أو حتى فرصة ثمينة أو حلم نتمناه. لم يعد الفرح مبهرا ومبهجا كما كان، أصبحت المشاعر عبارة عن لحظات نعيشها وتتلاشى سريعا كما يذوب ويختفي السكر في الماء.
لماذا لم يعد للحنين مكان في قلوبنا ونفوسنا؟ لماذا لم يعد الأمل الشيء الذي يحفزنا لانتظار الغد؟ لماذا كل هذا الجري والسعي وراء سراب؟ لماذا لم تعد المشاعر الانسانية تسيطر على حياتنا؟
نعم، لا بد من خلق توازن بين العقل والعاطفة حتى نتخذ القرارات الصحيحة في حياتنا ولا نندم أو نقع فريسة الخطأ، ولكن لا يعني ذلك غياب العاطفة وتجريد حياتنا منها لنصبح مجرد أشخاص أنانيين لا ينظرون سوى لمصالحهم الشخصية.

ضرورة الإهتمام بالعلاقات الأسرية

كيف لنا أن ننسى أو نتناسى أننا لا نعيش بمعزل عن الآخرين فنحن مجتمع صغير سواء أكنا نتحدث عن مجتمعنا المحلي أو العربي أو حتى الدولي. مع تزايد انتشار واستعمال وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة أصبحنا قرية صغيرة تنتشر فيها الأخبار والأحداث بشكل فوري ما فائدة كل هذه الوسائل إذا كانت كاذبة، مزيفة، ولا ننشر عليها سوى صور مجملة عنا؟ لنجرب العودة إلى الاستمتاع والشغف بكل شيء نقوم به.

لنهتم أكثر بعلاقاتنا الأسرية ونمضي وقتا أطول معهم. لنفكّر قليلا كيف نعمل معا كفريق لنكبّر عملنا، فلا نقوم بعمل فردي لنصعد على اكتاف الآخرين، لحظات الفرح أو الحزن، الكآبة أو الإحباط قد تبدو وقتية ولكنها تستمر داخلنا لفترات طويلة حتى تبني لها ركنا ثابتا يصعب هدمه او إزالته. فكم من موت أو مرض أو حرب أو خيبة أمل في علاقة ما تركت بداخلنا بصمة أثّرت فيها على القادم من حياتنا.

الاستمتاع بالحياة وإعطاء كل شعور حقه

لنعطي كل شيء سواء أكان فعلا او مشاعرا حقه لنوازن بين العقل والعاطفة. لنكن القدوة الحسنة لأبنائنا  وشبابنا وشابتنا الذين يعيشون عصر السرعة وعدم الاستمتاع لفقدهم للمشاعر واستغراقهم في عيش كل شيء كلحظات.

لما لانرسم معا طريقنا، رغم اختلاف الأزمنة والخبرات، بحيث نلتقي بشكل متوازٍ، وليس بشكل متعرج أو كمفترق طرق حيث يكون علينا الاختيار.
كل واحد فينا بحاجة أن يجلس مع نفسه ليعيد التوازن النفسي والعاطفي والاجتماعي، خصوصا بعد الفترات الصعبة التي مرينا بها بسبب الكورونا وما فرضته علينا من ضوابط مشددة. لنبدأ حياتنا من جديد في أي وقت كان، بعد أن نكون مستعدين لنحوّل اللحظات إلى فترات عمرية طويلة تمتد طويلا وحتى نهاية عمرنا لنعيد صياغة مفهوم الحياة وكيفية الاستمتاع بها طويلا.

فيديو مقال لحظات

 

 

أضف تعليقك هنا