إدارة المعرفة في مؤسسات التعليم العالي

بقلم: سمر عبد الرزاق الحاج

إن أي مجتمع يتطلع إلى التميز المعرفي يجب أن يهتم بشكل أساسي بالتعليم العالي ومنظماته، لأن التعليم العالي يقوم بتنفيذ سلسلة من النشاطات التي تتضمن توليد المعرفة ونشرها وتوظيفها بما يطلق عليها بمصطلح إدارة المعرفة. فإدارة المعرفة أينما كانت هي من أجل دعم جودة التعليم والأداء في المنظمات.

مفهوم إدارة المعرفة في مؤسسات التعليم العالي

تعرف إدارة المعرفة في مؤسسات التعليم العالي بأنها: “إطار أو طريقة تمكن الأفراد العاملين في المنظمة التعليمية من تطوير مجموعة من الممارسات لجمع المعلومات ومشاركة ما يعرفونه، مما ينتج عنه سلوكيات تؤدي إلى تحسين مستوي الخدمات والمنتجات التي تقدمها المنظمة التعليمية”. وتعرف أيضا بأنها:” العمليات النظامية التي تساعد المنظمات التعليمية على إنشاء المعرفة ، تنظيمها، استخدامها، نشرها، و إتاحتها لجميع منسوبي المنظمة والمستفيدين من خارجها.

الأهداف المرجوة التي تتوقعها مؤسسات التعليم العالي من تطبيق إدارة المعرفة

  • خفض التكاليف عن طريق التخلص من الإجراءات المطولة أو غير الضرورية وتبسيط العمليات.
  • تحسين خدمة العملاء عن طريق اختزال الزمن المستغرق في تقديم الخدمات المطلوبة.
  • تبني فكرة الإبداع عن طريق تشجيع مبدأ تدفق الأفكار بحرية.
  • زيادة العائد المالي عن طريق تسويق المنتجات والخدمات بفاعلية أكثر.
  • تفعيل المعرفة وأرس المال المعرفي لتحسين طرق إيصال الخدمات.
  • تحسين صورة المنظمة التعليمية وتطوير علاقاتها بمثيلاتها.
  • توحيد أسلوب العمل الإداري داخل المنظمة التعليمية.

مبررات تطبيق إدارة المعرفة في مؤسسات التعليم العالي

إن إيجاد المعرفة وابتكارها واكتشافها ونشرها وتداولها هو السبب الرئيسي في وجود وإنشاء منظمات التعليم العالي، لذا فإن ذلك يؤكد أهمية بل حتمية تبنيها لإدارة المعرفة باعتبارها مدخل التحسين والتطوير الذي يساهم وبشكل فاعل في تحقيق أهدافها ورسالتها التي وجدت من أجلها. وإن بيئة منظمات التعليم العالي تبدو بطبيعتها والدور المناط بها من أنسب البيئات لتطبيق مبادئ وطرق إدارة المعرفة، وذلك يعود لمجموعة من المبررات التي على النحو التالي:

  • امتلاك منظمات التعليم العالي عادة بنية تحتية معلوماتية حديثة.
  • إن مشاركة المعرفة مع الآخرين يعد أمرا طبيعيا جدا بين الأساتذة والطلاب بصفة عامة.
  • إن أحد المتطلبات الطبيعية التي يسعى الطلاب للوصول إليها من خلال التحاقهم بمنظمات التعليم العالي هو الحصول على المعرفة من مصادر يسهل الوصول إليها بأسرع ما يمكن.
  • يتوافر بمنظمات التعليم العالي عادة مناخ تنظيمي يتسم بالثقة، فلا يتردد أو يخاف أي عضو من نشر وتوزيع ما لديه من معرفة.
  • سعي الدول إلى تدويل التعليم العالي وجعله من الأولويات الاستراتيجية في ظل التوجه العالمي نحو تكريس التعاون الأكاديمي، وذلك من خلال إعداد الطلاب كمواطنين عالميين مجهزين بالمهارات متعددة الثقافات ومتعددة اللغات، أما من منظور البحث العلمي يتحقق التدويل من خلال الوصول إلى تمويل البحوث العالمية.
  • إشراك أعضاء هيئة التدريس في مشاريع البحث والمجتمعات التي تعالج القضايا والمشكلات ذات الأهمية العالمية، ونشر النتائج في المجلات المفهرسة عالميًا ووقائع المؤتمرات.

سمات إدارة المعرفة المرجوة في مؤسسات التعليم العالي

لقد تم تحديد عدد من سمات إدارة المعرفة في منظمات التعليم العالي نوجزها فيما يلي:

  • الإدارة التعليمية دون التقيد بالنظم الجامدة: ضرورة تغيير النظم الإدارية البالية التي تعيق تدفق المعرفة بين الأفراد.
  • الإدارة التعليمية بعيدا عن الورق: بحيث يوجد الأرشيف الإلكتروني ونظم تطبيقات المتابعة الآلية؛ الإدارة التعليمية دون التقيد بالمكان: حيث يمكن الاعتماد على نظم المؤتمرات الإلكترونية ومؤتمرات الفيديو.
  • الإدارة التعليمية دون التقيد بالزمان: مما يحتم على متخذ القرار العمل بشكل متواصل ومستمر وبلا زمن محدد في الإدارة والاتصال مع الآخرين.

عوامل نجاح تطبيق إدارة المعرفة في مؤسسات التعليم العالي

من بين العوامل التي تساعد على تحقيق النجاح عند تطبيق إدارة المعرفة في مؤسسات التعليم العالي، نورد ما يلي:

  •  استراتيجية لإدارة المعرفة تحدد المستخدمين، المصادر، العمليات، التخزين للمعرفة، والوصلات التي توصل المعرفة وتمكن من تشاركها.
  • دافعية والتزام الأفراد العاملين، ويشمل ذلك الحوافز والتدريب المقدم لهم.
  • ثقافة تنظيمية، وبناء تنظيمي يدعم التعلم والمشاركة في المعرفة واستخدامها.
  • توفير بنية تقنية تحتية متكاملة، تتضمن: الشبكات، قواعد المعلومات، مستودعات الحفظ، أجهزة الحاسب الآلي، البرامج، وخبراء في إدارة المعرفة.
  • بناء معرفي واضح ومعروف وسهل الفهم والاستخدام على مستوى التنظيم ككل.
  • دعم الإدارة العليا ويتضمن ذلك توفير الموارد اللازمة والقيادة الفاعلة للنظام، وتوفير التدريب.
  • أن تتصف المنظمة بكونها منظمة متعلمة ووجود أهداف وأغراض واضحة لنظام إدارة المعرفة.
  • وجود مقاييس أو معايير لتقييم أثر استخدام نظام إدارة المعرفة والتحقق من أن المعرفة التي تم اكتسابها وإيجادها هي المعرفة الصحيحة المطلوبة لتحسين الأداء التنظيمي.
  • تصميم التنظيم للعمليات المختلفة بحيث تتكامل مع عمليات اكتساب المعرفة واستخدامها واسترجاعها.
  • وجود نظام لحماية وأمن المعرفة.

أثر إدارة المعرفة على ضمان الجودة والاعتماد الأكاديمي في مؤسسات التعليم العالي

يمكن تصنيف المجالات التي تمكن مؤسسات التعليم العالي من تحقيق الجودة من خلال تطبيق إدارة المعرفة إلى أربعة مجالات وهي:

تحسين جودة البحث العلمي

يحتل البحث العلمي في التعليم العالي الحديث مكانا بارزا في تقدم النهضة العلمية وتطورها، من خلال مساهمة الباحثين بإضافتهم المبتكرة في توليد المعرفة وإثراء رصيده ، حيث تعتبر منظمات التعليم العالي هي المراكز الرئيسية لهذا النشاط العلمي الحيوي، وتساهم إدارة المعرفة في تحقيق جودة البحث العلمي من خلال:

  • تقليل الوقت الضائع المستغرق في عملية البحث نتيجة لسهولة الوصول إلى مصادر المعلومات وسهولة جمعها وتوفيرها بأسرع وقت ممكن.
  • تخفيض تكلفة مصاريف البحث نتيجة لتخفيض تكاليف المصاريف الإدارية .
  • تسهيل عمليات البحث المشتركة بين التخصصات المتنوعة والمتداخلة.
  • تحسين مستوى وفعالية الخدمات الداخلية والخارجية ذات العلاقة بنشاط البحث العلمي.
  • التنافس والاستجابة للمنح البحثية وعقود وفرص إجراء البحوث التجارية.

تحسين جودة الخدمات الطلابية والخريجين

تساهم إدارة المعرفة في تحقيق جودة الخدمات الطلابية وخدمات الخريجين من خلال:

  •  تحسين مستوى الخدمات المقدمة للطلاب مثل: خدمات المكتبات، تقنيات المعلومات التي تدعم الخدمات الطلابية بالمنظمة التعليمية داخليا وخارجيا عبر الخدمات الإلكترونية المقدمة للطلاب عبر الموقع الإلكتروني.
  • تحسين مستوى الخدمات المقدمة للخريجين من المنظمة التعليمية.
  • إن تحسين مستوى الخدمات الطلابية وتطوير أداء أعضاء هيئة التدريس والهيئة الإدارية سيؤدي تلقائيا إلى الرفع من مستوى خريجي منظمة التعليم العالي.
  • تحسين جودة الخدمات لدى الأفراد العاملين بالمنظمة التعليمية.
  • تحسين كفاءة وفعالية جهود الإشراف الطلابي وذلك من خلال تجميع وتوحيد الجهود الموزعة والمجزأة حاليا بين أعضاء هيئة التدريس، والموظفين الذين يقدمون خدمات مساندة للطلاب مثل موظفي قسم القبول والتسجيل وموظفي شؤون الطلاب وغيرهم.

تحسين جودة المناهج والبرامج التعليمية 

تساهم إدارة المعرفة في تحقيق جودة المناهج والب ارمج التعليمية من خلال:

  • تدعيم مستوى جودة المناهج والبرامج التعليمية المقدمة، من خلال تحديد وتوفير أفضل الممارسات والتجارب وفحص وتقييم المخرجات؛
  • سهولة تصميم وتطوير المناهج والبرامج المشتركة بين أكثر من تخصص أو أكثر من برنامج لتسهيل النقاش والتخطيط عبر الأقسام والكليات المختلفة، نتيجة لما توفره إدارة المعرفة من أساليب وممارسات للربط بين الأفراد.
  • تحسين سرعة جهود مراجعة وتطوير وتحديث المناهج.
  • تدعيم جهود تطوير أعضاء هيئة التدريس وخاصة حديثي الخدمة.
  • تحسين فعالية أداء أعضاء هيئة التدريس من خلال الاستفادة من الدروس والتجارب والخبرات السابقة للزملاء، وتقييم الطلاب، وغيرها من المدخلات التي يمكن الاستفادة منها في تحسين الأداء.
  • تحسين الخدمات الإدارية ذات العلاقة بعمليات التدريس والتعلم باستخدام التقنية.

تحسين جودة الخدمات الإدارية 

يؤدي تطبيق إدارة المعرفة في منظمات التعليم العالي إلى تحقيق جودة الخدمات الإدارية المقدمة نتيجة التحسينات التي تطرأ على العمل الإداري في المنظمة التعليمية. وذلك من خلال:

  • تحسين مستوى كفاءة وفعالية الخدمات الإدارية المقدمة في منظمة التعليم العالي، وذلك نتيجة لما ينتج عن تطبيق إدارة المعرفة من تحسينات في مجال العمل الإداري كالاتجاه نحو اللامركزية في العمل وفي أسلوب تقديم تلك الخدمات.
  • زيادة قدرة منظمة التعليم العالي على تحديد جهود التحسين والتطوير في الخدمات.
  • رفع القدرة الإدارية للمنظمة التعليمية فيما يتعلق بالاتجاه نحو أسلوب اللامركزية في أداء العمل الإداري وذلك بوضع قواعد عامة وخطوط عريضة للتصرفات لتحقيق الانسجام في الإجراءات المتبعة في كافة إدارات المنظمة التعليمية وأقسامها.
  • تحسين درجة الامتثال للسياسات الإدارية مثل: سياسات الشراء وتفضيل الموردين، سياسات الميزانية، والمبادئ التوجيهية للعمل.

عرض لبعض التجارب العالمية الرائدة حول ضمان الجودة والاعتماد الأكاديمي في مؤسسات التعليم العالي

بادرت العديد من الدول الأجنبية والعربية إلى إنشاء هيئات لضمان الجودة أخذت على عاتقها مسؤولية التزام مؤسسات التعليم العالي بمعايير ضمان الجودة والاعتماد مما يوفر ثقة المجتمعات بهذه المؤسسات، فضلا على أنه يشكل الضمانة التي من خلالها يتم التحقق من مصداقية هذه المؤسسات وبرامجها التعليمية ، ومدى قدرتها على تحسين جودة مخرجاتها لتلبية مختلف الاحتياجات ومن ثم الوصول إلى التنمية الشاملة والمستدامة.

عرض لبعض التجارب الأجنبية 

أ- التجربة الأمريكية: تعد الولايات المتحدة من أوائل الدول التي  سمحت للعديد من الجامعات بالانتشار وفي نفس الوقت قامت بإنشاء آليات لمتابعة الجودة في هذه الجامعات، وقد أنشأت في عام 1996م مجلس اعتماد التعليم العالي في الولايات المتحدة الأمريكية والذي يهدف لإنشاء مؤسسة قومية تتولى الإشراف على مؤسسات الاعتماد، ويتم الاعتراف بهذه المؤسسات وفق معايير محددة، ويتم إعادة اعتماد هذه المؤسسات كل عشر سنوات.

وقد حققت العديد من الجامعات الأمريكية  نتائج باهرة عندما قامت بتطبيق الجودة، حيث وصل عددها حتى عام 1998م ما يزيد عن 641 جامعة، ومن أهمها “جامعة نورث وست ميسوري ستايت North Missouri State University” حيث تعتبر هذه الأخيرة جامعة أمريكية مدعمة من قبل الحكومة الأمريكية و لقد بدأت هذه الجامعة بتطبيق إدارة الجودة الشاملة عام 1989م ،وفي عام 1994م تقدمت الجامعة بطلب الحصول على جائزة للجودة التي كانت تعتمد على معايير “مالكوم بالدريج”، وبالفعل تحصلت عليها عام 1997م ،ولقد تم تنفيذ إدارة الجودة في هذه الجامعة على عدة خطوات تمثلت في : التميز ،الاقتصاد في الموارد، التركيز على العميل، التدريب، تحسين الجودة.

ب – التجربة البريطانية: لقد حرصت بريطانيا على التحسين الدائم لخدماتها التعليمية لاسيما مع تقرير الإصلاح التعليمي عام 1988، والذي وجه الاهتمام إلى ضرورة رقابة العمل التعليمي اعتمادا على مؤشرات أداء محددة، عندما تم إنشاء عام 1997 وحدة فحص أكاديمي لدراسة الجودة في الجامعات البريطانية.

ومن الجامعات البريطانية التي اتخذت قرارا بتطبيق نظام إدارة الجودة الشاملة، نجد “جامعة ألستر Ulster University” حيث وضعت معايير للتدريس كجزء من نظام إدارة الجودة الشاملة، وعملت على تحديد وتطوير طرق التدريس، وتضمن برنامج الجامعة استشارة المدرسين من ذوي الخبرة والمهارة بموضوعات حلقات الجودة والنوعية للموظفين في الإدارات المختلفة، وكذلك للطلبة للحصول على معايير خاصة بالتدريس، ومنها الأخذ برأي الطلبة في التدريس، وتعيين ذوي الخبرة في التدريس، واعتماد الكفاءة التدريسية عند اختيار المدرسين.

‌ج-  التجربة اليابانية: يوجد في اليابان أضخم نظام للتعليم العالي، حيث يضم أكثر من 470000 مؤسسة تعليم عالي ذات مستوى متميز، وقد تأثرت اليابان كثيرا بالنموذج الأمريكي. ويتم اعتماد الجامعات اليابانية بواسطة “هيئة اعتماد الجامعات اليابانية JUAA” التي أنشأت عام 1947 وهي هيئة غير حكومية وغير ربحية تهدف إلى تحسين جودة التعليم العالي من خلال التطوير الذاتي، التي تتولى منح الاعتماد للجامعات التي تتقدم لأول مرة بطلب للحصول على اعتماد من الهيئة، وكذلك منح إعادة الاعتماد بعد مرور خمس (5) سنوات من الحصول على الاعتماد الأول بالنسبة للجامعات التي تحصل لأول مرة على الاعتماد ويمنح كل سبع ( 7) سنوات للجامعات التي حصلت على إعادة اعتماد من قبل. ولابد أن يمر على إنشاء الجامعة أربع (4) سنوات حتى يكون لها الحق في الانضمام لعضوية الهيئة.

‌د-     التجربة الماليزية: خضع قطاع التعليم الماليزي لنمو كبير نتيجة للجهود التي جعلت وازرة التعليم تتوسع وتنظر إلى التعليم كصناعة واستثمار ،حيث ازداد تسجيل الطلاب في مؤسسات التعليم العالي بنسبة 9% حيث كان عدد الطلاب عام 1996 حوالي 17569 طالبا، ليصل عام 1997 إلى 28344 طالبا بعد الانفتاح على التعليم العالي بشكل كبير، وقد بلغ عدد مؤسسات التعليم العالي التي تطبق إدارة الجودة الشاملة 11 جامعة عامة و 6 جامعات خاصة، وازداد تخصيص 30% من الميزانية للتعليم العالي ابتداء من عام 1997، كما خصصت الحكومة الماليزية أكثر من 100 مليون دولار لدعم دراسة 50 ألف طالب يدرسون خارج ماليزيا. وقد توصلت دراسة أمريكية ماليزية إلى وجود عوامل نجاح لإدارة الجودة الشاملة في التعليم العالي الماليزي تمثلت في: القيادة، رضا الزبون الداخلي والخارجي، إدارة المعرفة، العمل في الفرق.

عرض لبعض التجارب العربية 

أ- التجربة السعودية: عملت المملكة العربية السعودية على السعي لتجويد منظومتها التعليمية حتى تكون جامعاتها في مصاف الجامعات العالمية، إذ قامت بوضع مجموعة من المؤشرات على أساسها يتحدد مستوى الجامعة من حيث الجودة، كما أنه اعتمادا على هذه المؤشرات تستطيع الجامعة تحسين وتطوير مستويات أدائها، وترتكز هذه المؤشرات على عدة عناصر منها: الطلبة (عملية اختيار الطلبة، كثافة الفصل، الدافعية والاستعداد ،…)، أعضاء الهيئة التدريسية (كفايتها العددية، مستوى التدريب على مستجدات المناهج ،…)، الإدارة (طرق اختيار الإداريين، الالتزام بمعايير الجودة، العلاقات الإنسانية والروح المعنوية ،…)، الإمكانات المادية (مرونة المباني ومراعاة الشروط الهندسية، حجم المباني وقابليتها للاستيعاب ،…)، المناهج الدراسية(ملائمة المناهج الدراسية لمتطلبات سوق العمل، قدرتها على استيعاب متغيرات العصر ،…).

وفي هذا الصدد قامت المملكة العربية السعودية بإنشاء “الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي NCAAA” عام 2004 وهي هيئة تتمتع بالشخصية المعنوية وتتمتع بالاستقلال الإداري والمالي ويشرف عليها مجلس التعليم العالي، وهي تهدف إلى ضبط جودة التعليم العالي وضمان كفاءة مخرجاته لمقابلة متطلبات سوق العمل. حيث يعتبر الحصول على الشهادة الممنوحة من طرفها شهادة موضوعية دالة على رقي نوعية التعليم في الكليات، وضمان بتميز الجامعة في مستواها العلمي.

ب – التجربة الأردنية: يضم التعليم الجامعي في الأردن محورين أساسيين هما الجامعات وكليات المجتمع ،ولقد ارتفع عدد الجامعات من 4 جامعات في عام 1990 (كانت جميعها رسمية) إلى 42 جامعة عام 2006  (10 منها فقط جامعات رسمية)، وكانت هذه الزيادة استجابة مباشرة لارتفاع الطلب على التعليم العالي في الأردن وفي الدول المجاورة، ففي 15 عاما الماضية ازداد عدد الطلبة بشكل كبير، وانتقل من 34984 طالب عام 1990 إلى 194041 عام 2005. هذا ما دفع القائمين على تطوير التعليم العالي إلى وضع مشروع قانون هيئة اعتماد وضمان جودة مؤسسات التعليم الجامعي والبحث العلمي لسنة 2005، تم تأسيس “مجلس اعتماد مؤسسات التعليم العالي” والذي تم تحويله عام 2007 إلى هيئة اعتماد مستقلة عن وازرة التعليم العالي والبحث العلمي سميت “هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي”، وأعطيت استقلالا ماليا وإداريا، وجرى توسيع دائرة عملها لتشمل جميع مؤسسات التعليم العالي الخاصة والحكومية.

ج- التجربة الجزائرية: تعتبر التجربة الجزائرية في مجال ضمان جودة التعليم العالي حديثة النشأة إذ بدأ الاهتمام بالجودة في مؤسسات التعليم العالي بموجب قانون توجيه التعليم العالي في  2008 الذي كرس لأول مرة إمكانية فتح مؤسسات تعليم عالي خاصة وضرورة مراقبتها وتقييمها بإنشاء “اللجنة الوطنية للتقييم (CNE)”، والتحضير لإنشاء لجان أخرى تهتم بالترخيص والاعتماد الأكاديمي، وقد اسند للجنة الوطنية للتقييم مهمة تقيم جميع وظائف مؤسسات التعليم العالي مقارنة بالأهداف المسطرة من قبلها لتحسين الجودة، ووضع مجموعة من الشروط الواجب احترامها، وفي حالة عدم احترامها يقوم وزير التعليم العالي بسحب الترخيص، وقد تم وضع مجموعة من الخطوات لتطبيق الجودة في مؤسسات التعليم العالي تمثلت في:

  • إقناع أصحاب المصلحة بأهمية تطبيق نظام ضمان الجودة في مؤسسات التعليم العالي.
  • إرساء ثقافة الجودة من خلال إنشاء خلية الجودة داخل كل مؤسسة تعليم عالي.

كما تم تكوين أعضاء اللجنة الوطنية من خلال برنامج تكويني على يد خبراء دوليين والذي توج  بزيارات ميدانية لبعض الدول الأوروبية، وفي عام 2014 أعلنت “اللجنة الوطنية لتطبيق ضمان الجودة في التعليم العالي (CIAQES)” عن الانتهاء من إعداد مرجع الجودة يتناسب وخصوصية مؤسسات التعليم العالي الجزائرية  والسياق الوطني ويستند إلى نظام مرجع الجودة (UMED-AQI) .

بقلم: سمر عبد الرزاق الحاج

 

أضف تعليقك هنا