الأمير الأسود

بقلم: خالد العلوي

للموت أسلحة كثيرة

لدى الموت الكثير من الأسلحة التي بوسعها أن تحصد حياتنا بالشكل المطلوب، فبوسعه أن يحصد حياتنا مادياً وبوسعه أن يحصدها معنوياً، وبوسعه ألا ينتظر موسم الحصاد، وأن يتجاوز كل تلك الأسلحة النفسية والجسدية، وأن يلقي بنا، في أقرب مقبرة، بمنتهى السهولة، لكنه لا يفعل ذلك، لأنه وعلى خلافنا نحن البشر، يملك الكثير من الوقت، والكثير من الفراغ!

الموت يريد أن يتسلى، يريد للوقت أن يمضي، للفراغ أن يذوي. يريد أن يَكسُرَ ملل أيامه التي لا تنتهي، يريد من أسلحته الكثيرة، أن تنتج وفياتٍ مثيرة، ويريد من أيامه الوفيرة، أن تُسفرَ عن أحداثٍ خطيرة، تكسر روتينه المعتاد، وترفع منسوب الأدرينالين في دمه الأسود.

الموت مهنته قتل الحياة

الموتُ أميرٌ أسودٌ ، أُرسل للحياة ليقتل الحياة، ولأن القتل مهنته، قرر ألا يقتلها بالطرق السهلة بل بالطرق الصعبة، لذلك راح يقتلها كما يقتل وحوش، ويضربها كما يضرب أعداء، ويستهدفها كما يستهدف الذئب قطعان الماعز.

هو لا يملك أسباباً للقتل، لكنه يملك الوقت. هو لا يملك من يمنعه عن القتل، لكنه يملك الغريزة، لذلك يستحدث كل يوم طريقةً جديدةً للقتل، فبعد أن جرب طرق القتل المباشرة، يجرب اليوم طرق القتل غير المباشرة كـ القتل عن طريق البنوك، أو الإعلام، أو الشرطة أو الجيش أو المخابرات أو عن طريق دعم التيارات السياسية، أو عن طريق زعزعة الأمن والاستقرار ، أو عن طريق بث الفتنة، أو عن طريق تغذية الطائفية والقبلية، أو عن طريق الدين!

الموت قاتل لا رادع له

الأمير الأسود ، يعلم أننا لسنا جيشاً ،كما يعلم أيضاً، أننا لسنا غزاة، لكنه على أية حال، يقتلنا، لأنه يرانا جيشاً من الغزاة ، هو يتخيل أشياء شريرة عنا، لا وجود لها إلا في مخيلته، أشياء تعطيه الحق في قتلنا، والوصول إلى أرواحنا وأجسادنا في أية لحظة، هو يعلم أننا لا نملك درعاً أو رمحاً، يعلم أننا لا نستطيع أن نحاربه لأنه الأقوى، أو نتحداه لأنه الأدهى، أو نسلط سيوفنا عليه لأنه الأكفأ، لكن ولأنه قاتل أعمى، راح يقتل الأدنى والأسمى، حتى أنه من فرط عماه، تخيّل ابني الصغير، وحشاً عملاقاً، فأطفأ نوره، قبل أن يتم الرابعة عشر من عمره! لماذا..؟ فقط ليكون لظلامه معنى..!

الموت يتقن لعبة القتل جيداً 

الأمير الأسود، يحصل على متعته الخاصة في نهاية المطاف، ولم لا، فاللعبة مسلية، والأمير يملك الكثير من الوقت، والكثير من الأسلحة. هو يتقن قواعد اللعبة جيداً، ولأن القتل لعبته، هو يريد للعبة أن تكون أكثر لذة وإثارة ، لذلك هو يتعجّل في قتل الأخيار، ويتمهّل في قتل الأشرار، لأنه يعلم أن هذه اللعبة، أن هذه الإثارة، أن هذه اللذة، هي كل ما تبقى لديه من ضروب النشوة والتسلية.

1-10-2023/ بقلم: خالد العلوي/ كاتب عماني مقيم في دولة الكويت

بقلم: خالد العلوي

 

أضف تعليقك هنا