القرارات الإدارية في النظام التربوي

من المعروف أن مشاركة المدير للموظفين في اتخاذ القرارات الإدارية هي من سمات النظام التربوي المتطور الذي تتحول فيه المدرسة من نظام ديكتاتوري إلى نظام ديمقراطي فعّال، يعمل فيه الجميع كجسد واحد، بحيث يحترم رأي كل فرد، ويستفاد من معلومات وتخصص كل فرد، ناهيك عما في المشاركة من إلغاء للآراء والقرارات الفردية التي تتخذ بطريقة استبدادية تعسفية، واستبدالها بآراء وقرارات جماعية ناضجة وواعية، تخدم مصلحة المؤسسة بعامة لا مصلحة فرد بعينه، كما تعمل هذه المشاركة على تطوير المؤسسة وإحداث التغيير فيها بشكل صحيح (Brostm; 2000).

الإدارة الموقفية:

ويعتبر نموذج الإدارة الموقفية  Theory Contingency النموذج الفعّال للإدارة الذي يوفر تلك المشاركة الإيجابية للعاملين. والذي يقوم على الربط بين الأنماط السلوكية الشخصية والموقف الإداري(سالم، 1989).

وفي الاونة الاخيرة ظهرت العديد من المؤتمرات والورش التدريبية في مطلع هذا القرن، خاصة بالمملكة الأردنية الهاشمية وذلك تأكيداً لأهمية التوجه الإداري الحديث في جهود الإصلاح والتطوير الإداري فقد أكد عدد من خبراء الإدارة في الأردن أن تجاوز المشكلات التي تعاني منها المؤسسات يقتضي إبداعاً متواصلاً وتجديداً مستمر لتمكين مؤسسات التعليم العالي من العمل بصورة أكثر كفاءة وفاعلية لمواجهة تنامي ظاهرة العولمة، وانتهاج الأساليب الإدارية الحديثة والتي أثبتت التجارب نجاحها في القطاعات العامة والخاصة، إذا ما طبقت بشكلها الصحيح ووفق منهجها العلمي والعملي، ولعل من هذه الأساليب: أسلوب الإدارة الموقفية، ونموذج الإدارة بالأهداف، وإدارة الجودة الشاملة ،وكذلك أسلوب إعادة هندسة نظم العمل أو ما يسمى اختصاراً بـ  (الهندره)، والإدارة التحويلية، وغيرها من الأساليب الإدارية (وزارة التربية والتعليم، 2004).

وتتحدد فاعلية نمط القيادة بطبيعة الموقف المحيط بعملية القيادة، بحيث لا يوجد أسلوب قيادي واحد ناجح يصلح لكافة المواقف؛ فالقائد المتميز هو قائد الفرصة أو الظرف، فيكون مرناً في استخدام الأساليب المختلفة لتحقيق النجاح المطلوب في كل المواقف. ( العلاق، 1998)

وتقوم نظرية الموقف على الربط بين الأنماط السلوكية الشخصية والموقف الإداري، وهي بهذا المفهوم لا تنكر ما للأنماط السلوكية الشخصية من دور هام في تحديد خصائص القيادة، إلا أنها ترى أن هذه الأنماط السلوكية ليست من العمومية في كل زمان ومكان، أنه لا بد لتحديد الأنماط السلوكية القيادية المطلوبة أن نضع الموقف الإداري في الاعتبار، باعتباره العامل المؤثر في تحديد هذه الأنماط. ( كنعان، 1982).

ويعرف (درة، 1979) النظرية الموقفية بأنها تلك النظرية التي تقر بوجود اختلاف أو ظروف متباينة بين الناس في مختلف الأحوال وفي الأوضاع المتنوعة. وهي النظرية التي تؤمن بعدم وجود طريقة واحدة مثلى يمكن اتباعها في جميع المواقف.

ويؤكد فرانكلين ( Franklin, 1964) أن اختلاف ظروف ممارسة القيادة الإدارية يؤدي إلى اختلاف السمات المطلوبة لمواجهة كل ظرف منها، فتغير الظروف الاقتصادية التي يمر بها التنظيم يؤدي إلى تغير سمات القيادة المطلوبة لمواجهة هذه الظروف، فنمط القيادة الملائمة لأوقات تعرض التنظيم لأزمات شديدة وحادة تختلف عن نمط القيادة الملائم لإدارة التنظيم في أوقات ازدهار الأعمال ورواجها.

ويرى (كنعان، 1982) أن الإسهامات التي قدمها الباحثون في النظرية الموقفية تتبنى افتراضاً مؤداه أن نجاح أنماط القيادة يرتبط بمدى ملاءمتها للموقف الذي تستخدم فيه، وهذا يعني أنه كلما كان النمط القيادي الذي يتبعه القائد متلائماً مع متطلبات الموقف الذي يواجهه زادت فرص نجاحه في القيادة، في حين تضعف فرصة نجاحه كقائد إذا لم يتلاءم النمط القيادي الذي يتبعه القائد مع متطلبات الموقف.

كما أكد الطيب( 1999) بأن النظرية الموقفية تعتبر من الاتجاهات الحديثة في الإدارة التي تنادي بالتعامل مع الموقف حسب ما يتطلبه الموقف، وما تقتضيه الظروف البيئية المحيطة بمن يعنيهم الموقف.

ويشير شاويش(1993) إلى أن النظرية الموقفية تحاول أن تحدد الظروف والمواقف التي يكون فيها للأساليب الإدارية المختلفة فيها الفرصة الأفضل للنجاح، وهناك إجماع في الرأي بين كتاب هذه المدرسة: أن على المديرين إذا أرادوا تطبيق المفاهيم والمبادئ والأساليب الإدارية بنجاح أن يأخذوا بعين الاعتبار حقائق الظروف الخاصة التي يواجهونها في منظماتهم.

النظام المفتوح:

ولقد مهد النظام المفتوح لظهور نظرية الإدارة الموقفية، التي استخدمت أسسه استخدماً واسعاً كما فعلت نظرية النظام التي اعتمدت عليها الموقفية بشكل مباشر، واعتبرتها نقطة الارتكاز لها. وفيما يلي المرتكزات الاساسية للنظرية الموقفية(حسين، 2006) :

  • أ‌- ليس هناك طريقة واحدة مثلى يمكن اتباعها في الإدارة في مختلف المواقف والظروف، حيث هناك اختلافات كثيرة بين الناس والأوقات والظروف يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، وعليه فالمديرون ليسوا أحراراً في إدارة مؤسساتهم بأسلوب يعكس هواهم الشخصي وتحيزاتهم، بل عليهم أن يراعوا مجموعة الظروف التي تواجههم والخروج بأساليب وممارسات قد تصلح لظروف ولا تصلح لظروف أخرى. إذا أن فعالية الأساليب والطرق والمداخل الإدارية المختلفة تتوقف على الظروف، ولا تستطيع نظرية الإدارة الموقفية أو أي نظرية أخرى أن تقدم لنا وصفات جاهزة لتكون الطريقة المثلى لإدارة موقف معين تكتنفه ظروف معينة.
  • ب‌- يتمثل جوهر نظرية الإدارة الموقفية في أن الممارسات الإدارية يجب أن تتماشى بشكل عام مع المهام المختلفة التي يقوم بها الأفراد، ومع البيئة الخارجية، ومع حاجات الأفراد في المنظمة.
  • ت‌- تولي هذه النظرية الملاحظة والتحقيق والتمحيص عند تحديد المديرين للمشكلات التي يواجهونها والحلول التي يقترحونها جل اهتمامها، ومن ثم فإن هذه النظرية تمثل تحدياً لمقدرة المديرين التحليلية، ولقدرتهم على رؤية أنفسهم وبيئتهم وفقا للمواقف المختلفة، وهذا في الواقع هو الطريق إلى تطوير قدرتهم التشخيصية.
  • ث‌- تنظر الإدارة الموقفية إلى المنظمة على اعتبار أنها نظام مفتوح يتكون من أنظمة فرعية مختلفة يتفاعل بعضها مع بعض، وترتبط مع البيئة الخارجية بعلاقات متشابكة.

وبناء على ما سبق تؤكد النظرية الموقفية على تعدد المتغيرات التنظيمية وعلاقتها المتشابكة مع بعضها البعض ومع البيئة المحيطة، مما يعني أنه لا يمكن أن يكون هناك نمط واحد للتنظيم يناسب كافة الأحوال والظروف، وليس هناك نمط أفضل للقيادة بمعزل عن الموقف، وكذلك ليس هناك هيكل تنظيمي مثالي، إذ أن ذلك يعتمد على شخصية المدير وشخصية المرؤوسين وطبيعة المهمة أو الوظيفة المطلوبة تحقيقها وكذلك البيئة المحيطة. وتؤكد النظرية الموقفية على صعوبة وجود مبادئ إدارية تطبق على جميع التنظيمات وفي مختلف الظروف.

فيديو القرارات الإدارية في النظام التربوي

أضف تعليقك هنا

د. راوية خليل حسن الشبول

الدكتورة راوية خليل حسن الشبول

‎أستاذ مساعد‎ في ‎جامعة حائل‎