يعُتبر المعلم هو المنَّفذ الحقيقي للمنهاج والمخاطِب الأول للطلاب، كما يُعد عاملاً أساسياً في نجاح العملية التربوية وفي تحقيق أهدافها، فهو القائد والمربي والملهم والميسر والموجه وليس مجرد ناقل للمعرفة حيث يخاطب جوارح الطلاب ويحفَّز عقولهم ووجدانهم، ويعمل على إكسابهم المعارف والمهارات والاتجاهات الايجابية والقيم، و تنمية مهارات تفكيرهم ويجتهد بتدريبهم على توظيف كل ما يتعلمون في سياقات حياتية حقيقية ولا يبخل في تهذيب مَلَكاتهم وتنمية الحس الجمالي لديهـم، أي أنه يتيح للطلبة تعلم خبرات مؤثرة وذات قيمة.
إن رسولنا صلى الله عليه وسلم هو المعلم الأول فقد قال: “إنما بُعثتُ معلماً”، أرسله الله للبشرية جمعاء مطبقاً للمنهج الإلهي فكان المعلم القدوة، ذو السيرة العطرة يعلم الناس باللين والموعظة الحسنة، وقد رسَّخ الإسلام أهمية المعلم منذ أن بدأ في تعليم علوم القرآن ثم باقي العلوم الأخرى، لذلك شغلت قضية إعداد المعلم وتدريبه حيز كبير من اهتمامات أهل التربية وخاصة في الفكر التربوي الإسلامي، نستدل على ذلك بما ورد عن ابن جُماعة حول أهمية المعلم لحدوث التعلم بقوله: (قيل لأبي حنيفة -رحمه الله- في المسجد حلقة ينظرون في الفقه، فقال: ألهم رأس؟ قالوا: لا، قال: لا يفقه هؤلاء أبداً). ابن جُماعة، ص46.
إنَّ تحقيق أهداف التعليم مرتبطة بحُسن اختيار المعلم ويدلل (ابن جماعة، ص 14) على ذلك بقوله: “سبرت أحوال السلف والخلف، لم تجد النافع يحصل غالباً والفلاح يدرك طالباً إلا إذا كان للشيخ المعلم من التقوى نصيب وافر، وعلى شفتيه ونصحه دليل ظاهر.
وحدد الإمام مالك أبرز الصفات الواجب توافرها في المعلم بقوله: “لا يُؤخذ العلم من أربعةٍ، ويؤخذ ممن سوى ذلك، لا يؤخذ من سفيهٍ معلن بالسفه وإن كان أروى الناس، ولا يُؤخذ من كذاب ولا صاحب هوى يدعو الناس إلى هواه، ولا من شيخ له فضل وعبادة إذا كان لا يعرف ما يحدث”.
أما الغزالي فقد عبَّر عن صفات المعلم بقوله: (إذا جمع المعلم ثلاثاً تمت النعمة بها على المتعلم: الصبر، والتواضع، وحسن الخلق).
وحدّد (الزرنوجي، ص 41) معايير اختيار المعلم بقوله: “أما اختيار الأستاذ فينبغي أن يختار الأعلم، والأروع والأسن كما اختار أبو حنيفة حماد بن أبي سليمان بعد التأمل والتفكير وقال: وجدته شيخاً وقوراً حليماً صبوراً”.
وضع الإمام الغزالي شروطاً وسمات للمعلم الذي يمارس مهنة التعليم ويمكن تصنيفها إلى سمات عقلية وشكلية (مظهرية) ونفسية واجتماعية كما يلي:
تنوعت كفايات المعلم في الفكر التربوي الإسلامي بين كفايات علمية ومهنية وأخلاقية وجسدية كما يلي:
(الصاوي، 1999)
تعني إلمام المعلم بتخصصه ومادته التي يدرِّسها، حيث يشير ابن جُماعة لضرورة تنمية الكفاءة العلمية أثناء الخدمة فينصح المعلم “بدوام الحرص على الازدياد بملازمة الجهد والاجتهاد والاشتغال قراءة وإقراء ومطالعة وتعليقاً وحفظاً وبحثاً ولا يضيع شيئاً من أوقات عمره فيما هو بصدده من العلم إلا بقدر الضرورة”. (عبد العال، 1985)
وهي تشمل كل المهارات التدريسية التي يمتلكها المعلم ليؤدي مهنته على أفضل وجه مثل:
هناك الكثير من الكفايات والأخلاقيات التي يجب توافرها في المعلم في الأثر التربوي الإسلامي مثل:
حرص الفكر الإسلامي أيضاً على مراعاة الجوانب الجسدية عند المعلم فقال القلقشندي واصفاً المعلم بأنه: “حسن القد، واضح الجبين، واسع الجبهة”.
ولن نخصص الأمر هنا فحال المعلم كما الشخص المسلم الذي أمره الله بالاهتمام بالصحة والنظافة والتطيب وتجميل النفس، فقد أجمع ابن جُماعة مختصراً المعلم “هو الذي كَمُلت أهليته وكان أحسن تعلماً- أي كفايته العلمية، وأجود تفهماً- أي كفايته المهنية، وظهرت مروءته وعرفت عفته- أي كفايته الأخلاقية”.
لعلنا باستعراض هذا المقال قد لاحظنا مدى اهتمام علماء الفكر الإسلامي بالمعلم، وأن كل ما ظهر من نظريات وتربويات حديثة قد تحدث عنه منذ زمن علماء التربية والمفكرين المسلمين أمثال ابن جُماعة والغزالي وأبو حنيفة النعمان وابن سحنون وابن رشد وابن سينا وابن مسكويه وابن القيم الجوزية والكثير منهم ..
بقلم: رسل المعموري جبريل عليه السلام هو أقرب ملائكة الله إليه، وصديق النبي صل الله… اقرأ المزيد
أيها القارئ الكريم ظللنا لعقود طويلة ومنا من لا يزال يؤمن أو متأثر بثقافة المنظرة… اقرأ المزيد
بقلم: رسل المعموري ""وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُوا ۗ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا… اقرأ المزيد
ما هي صفات الابن المراهق؟ لسن المراهقة بدايةً بالتمهيد وهو عمر ما قبل سن المراهقة… اقرأ المزيد
أنا فخورة بأنني أمازيغية مغربية، فاللغة الأمازيغية تحمل في طياتها عمق الإحساس وجمالية الطبيعة والثقافة… اقرأ المزيد
لطالما كان الوقوفُ على قدمين منتصبتَين، أو ربّما على قدمٍ واحدة، أو ربما النهوض بلا… اقرأ المزيد