قد يتساءل القارئ عن سر تعجبه من موضوع المقال وكيف لهذا الخفي الصغير المرعب قد اجتاح العالم كله وفعل ما فعلته الحروب وأكثر، فقد عُطّل اقتصاد العالم، وهبطت البورصات والأسواق العالمية، وتوقف الإنتاج في أغلب مصانع العالم، وأغلقت الجامعات والمدارس والمؤسسات التعليمية، وأغلقت الأسواق والمجمعات التجارية وفقدت المنتزهات والملاهي والحدائق ضحكات الأطفال وركضهم، وأصبحت المقاهي خالية من روادها، وغابت الإبتسامة والأفراح والأعراس، ومُنعت التجمعات في الاستراحات، وبدأ حظر التجول في الطرقات، وأصبحت المدن وكأنها لا تسكنها إلا الأشباح ليلاً بعد أن كانت مليئة بصخب الناس، ثم إن الطائرات بعد أن كانت السماء ملتقاها أصبحت لا تجدُ لها مكاناً في المطارات، ورست السفن في موانئها وكأن الله يصور لنا هذا المشهد: (ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِى ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ ٱلَّذِى عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) سورة الروم آية (41)، وبعد هذه المصائب كلها تأتي المصيبة الأكبر بتوقف الجُمع والجماعات في المساجد بل أصبح المسجد الحرام المكي والمدني لا يصلي فيه إلا الإمام ومعه ثلة قليلة تكاد أن تعدهم من خلف الشاشات، وتوقف الطواف حول الكعبة المشرفة فلا حول ولاقوة إلا بالله، ثم يتساءل السائل مرةً أخرى وبعد كل هذه الأحداث من هذا الوباء.
لا شك أن ما مرَّ به العالم هي مصيبة وكرب اجتاح أغلب دول العالم، لكن إذا علمنا أن ذلك كله من تدبير وتقدير الله عز وجل لهذا الكون هانت علينا مصائبنا.. كيف لا وهو المبشر والمهون علينا عندما قال في كتابه: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) سورة البقرة آية (156)، وليتذكر المؤمن المسلم الصابر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذلك إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له) رواه مسلم
وإذا فتشنا في صفحات التاريخ رأينا خير البشرية محمد صلى الله عليه وسلم قد ابتلي بالمصائب منذ ولادته وفي أهله وبيته مروراً بدعوته ومع ذلك تجده صابراً محتسباً متفائلاً بأن يخرج من أزمته، كيف لا! وهو يعلم أن مع العسر يسر وأن ما بعد الظلام بزوغ الفجر، ودعونا نتأمل حال المسلمين في غزوة الخندق إذ وصفهم الله بموقفهم العصيب بقوله: (إِذْ جَآءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ ٱلْأَبْصَٰرُ وَبَلَغَتِ ٱلْقُلُوبُ ٱلْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَا۠ * هُنَالِكَ ٱبْتُلِىَ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُواْ زِلْزَالًا شَدِيدًا) سورة الأحزاب آية (11)، ومع ذلك كان عليه الصلاة والسلام يغرس في نفوس أصحابه الضعفاء والمضطهدين التفاؤل وعدم اليأس واليقين بنصر الله.
ونحن في خضم هذه الأحداث بحاجة لمنهج النبي صل الله عليه وسلم في الفأل، لنحسن الظن بالله رب العالمين، فكم من أزمة مرت وأذهبها الله وستذهب هذه الأزمة بفضله ومنّه، ودعونا نتأمل الجانب الطيب من فيروس كورونا (كوفيد 19):
بقلم: رسل المعموري جبريل عليه السلام هو أقرب ملائكة الله إليه، وصديق النبي صل الله… اقرأ المزيد
أيها القارئ الكريم ظللنا لعقود طويلة ومنا من لا يزال يؤمن أو متأثر بثقافة المنظرة… اقرأ المزيد
بقلم: رسل المعموري ""وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُوا ۗ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا… اقرأ المزيد
ما هي صفات الابن المراهق؟ لسن المراهقة بدايةً بالتمهيد وهو عمر ما قبل سن المراهقة… اقرأ المزيد
أنا فخورة بأنني أمازيغية مغربية، فاللغة الأمازيغية تحمل في طياتها عمق الإحساس وجمالية الطبيعة والثقافة… اقرأ المزيد
لطالما كان الوقوفُ على قدمين منتصبتَين، أو ربّما على قدمٍ واحدة، أو ربما النهوض بلا… اقرأ المزيد