أصبحت المجتمعات تعيش في عصر التطور التكنولوجي، هذا العصر الذي تم وصمه بعدة تسميات ” العصر الرقمي “، ” العصر المعلوماتي”، “العصر الافتراضي”.
هذه الثورة أدت إلى ظهور و بروز عدة وسائط جديدة حملت في طياتها برامج و تطبيقات ( خصوصا المرتبطة بمواقع التواصل الاجتماعي )، أصبح لها ارتباط عميق في الوحدات المكونة للمجتمع، تفكيرا و تفاعلا، سلوكا و بنيتا…نظرا لما تقدمه من وظائف و أدوات و خدمات…
هذا الارتباط بها عمل إلى تشكل ثقافة جديدة ربطت بين الافتراضي و الواقعي. هذه التنظيمات المتمثلة في مواقع التواصل الاجتماعي عملت بكيفية ظاهرة و ضمنية على إحداث التغير في المجتمعات خصوصا لدى المرآة. هذا الواقع أي الاستعمال العميق لمواقع التواصل الاجتماعي أدى إلى توليد إبداعات جديدة خصوصا الإبداع النسوي في ضل مجتمع التنافس و المواكبة و التطور.
إن المجتمع المغربي ليس استثناء في خضم وثيرة الإبداع النسوي في مواقع التواصل الاجتماعي، بل إن المرآة المغربية بما تملكه من ثقافة متنوعة الروافد عربية، أمازيغية، صحراوية، أفريقية، يهودية …سرعت من وثيرة الإبداع داخل مواقع التواصل الاجتماعي. إن هذه الورقة هي محاولة منا لتقديم صورة إيجابية حول الأدوار الطلائعية التي تقوم بها المرآة في مجال الإبداع في مواقع التواصل الاجتماعي.
أي بحث علمي كيفما كان نوعه لا بد له أن يتوفر على مفاهيم و تحديدات تكون بمثابة مفاتيح تأطره، و تحاول أن تعبر عنه واقعيا في إطار البحث العلمي، أي عملية تحويل الأفكار المجردة إلى أشياء يمكن قياسها بواسطة مؤشرات كيفية أو كمية بشكل علمي في الواقع الاجتماعي، و في هذا العرض توجد عدة مفاهيم هي كالتالي:
لغة : مشتقة من الفعل أبدع الشيء أي اخترعه، أبدعت الشيء و أبدعته أي استخرجته و أحدثه، و نقول فلان بدع في أمر ما، أي كان أو من فعل.[1]
_روشكا : يعرف الإبداع بأنه الوحدة المتكاملة لمجموعة من العوامل الذاتية و الموضوعية التي تقود إلى تحقيق إنتاج جديد و أصيل و ذي قيمة من قبل الفرد و الجماعة.[2]
فالإبداع هو فن، و الاستعمال للعقل، المثابرة على التغيير.
لغـــــــة ؛ في معجم لسان العرب هي ” امرأة تأنيث امرئ ، و قال ابن الأنباري؛ الألف في امرأة وامرئ ألف وصل، قال؛ و للعرب في المرأة ثلاث لغات، يقال؛ هي امرأته، وهي امرأته ، و هي مرته “.[3]
هي أنثى الإنسان البالغة، كما الرجل هو ذكر الإنسان البالغ، و تستخدم كلمة (المرأة) لتمييز الفرق الحيوي ( البيولوجي) بين أفراد الجنس أو للتمييز بين الدور الاجتماعي بين المرأة و الرجل في الثقافات المختلفة[4].
_ سقراط يؤكد أن المرأة مصدر كل شر، و أنها مجرد آلة لإنتاج الأطفال وتغذيتهم وخدمة الرجل، ولا ينبغي للرجل المشاركة في أعمال المنزل لأنه الأقوى”[5].
_ أيضا نجد أرسطو يصفها بأنها عبارة عن تشوه خلقي أنتجته الطبيعة، و لو أن أمر تخلق هذا الكائن صار بشكل سليم لجاء المولود ذكرا لا أنثى “[6]
_ داروين يعتقد قطعا أن الأنثى مخلوق غير مقبول فيه في المجتمع، و يعتقد أن المرآة الفاضلة ينبغي أن يكون هدفها طاعة زوجها، و ان تنظر إلى مطالب زوجها كما لو كانت قوانين فرضتها عليها الإرادة الإلهية.[7]
_ أيضا سيكموند فرويد يرى أن المرأة كائن بشري معقد يكسب العدوان والحسد في نفسه، و لا يفصحه لأحد[8].
إن المرآة هي تعبير عن الهوية الاجتماعية: ذلك من خلال ما تحتضنه من أبعاد رمزية تتجاوز الاعتبارات الذاتية إلى ما يرتبط بالهوية الجماعية من خلال مرتكزات ثقافية و معايير الاجتماعية مرتبطة بالشرف و الطهارة، فهي دائما مراقبة و محاطة بأعين تتربص كل حركاتها و تأطرها في خضم الضمير الجمعي و كل أنوميا من قبلها بلغة إميل دوركايم يؤدي إلى وصمها بانتهاك حرمة الجماعة.
يتم ربطها في الثقافة الشعبية بدم البكارة الذي لا يتم إلا في إطار موافقة الجماعة، وهنا أستحضر الأغاني و المرددات الشعبية في الأعراس مثل ” وا فلانة وا المرضية –أهزي عينيك درتي لباك مزية “.
اعتبرت المرآة مدنسة مؤقتا نظرا للدم الذي يسيل منها : دم الحيض الاستحاضة و دم النفاس، و هذه كلها مخصومة بالمرآة.فالدم من المنظور الديني مادة مدنسة، فهو رجس.[9]
يعتبر المؤرخ الفرنسي ميسلي، الذي عاش في القرن 19م، أن الديانتين المسيحية و اليهودية كانتا السبب الرئيس في جعل المرآة كائنا سيئا : فهي الساحرة و المشعودة و حاملة اللعنة الأبدية.[10]
فعالم النفس فرويد، يعد دم الحيض برازا.[11]
إن الرؤى حول المرآة التي تربطها من ناحية الجسد باعتباره ذا قيمة إيجابية رمزية إلا حين يؤدي وظيفته الطبيعية و الثقافية المتمثلة في الإنجاب.[12]
فجسد المرآة هو منبع الفتنة بما يوسم به من جمال وزينة. فهو يرمز للغواية المغري بالفاحشة، و يسكنه الشيطان الذي يعمل على الدوام على استدراج الرجل ليعصي ربه و يوقع به في حبائل الخطيئة.[13]حتى في المخيال الشعبي و خصوصا الأمثال الشعبية تم التعبير و تلخيص المرآة في الصور دونية مثل:
يعرف بكونه موقع إلكتروني للتواصل بين المستخدمين حول العالم، ويمكن لأي شخص قادر إنشاء موقع له في حساب الفايسبوك بسهولة و بدون مقابل مادي، و يهدف الموقع الربط بين الأصدقاء، و التعرف على اصدقاء جدد أو البحث على أصدقاء الدراسة حول العالم او الانضمام إلى مجموعات مختلفة على شبكة الويب، و يمكن لمشتركين في المواقع الاشتراك في شبكة أو أكثر.[15]
هو موقع التواصل الاجتماعي ظهر في أكتوبر 2010، يسمح بالالتقاط الصور و الفيديوهات و نشرها على الفور و إضافة فلتر رقمي عليها من أجل مشاركتها مع مختلف الشبكات، إضافة العديد من المميزات كالقصص ( story)، و القصص المثبتة ( story à la Une )، و الفيديوهات الطويلة ( igtv)، و المتجر الإلكتروني.[16]
هناك عدة الاستراتيجيات و تم إطلاقها تدافع و تأطر حق المرآة في الاعتماد وسائل التواصل الاجتماعي و الإعلام بشكل عام و إعطائها أبعاد إيجابية سواء على المستوى الدولي أو القاري او الخاص بكل دولة، ممن بين الامثلة على هذا نجد:
حليمة البحراوي، سنة 35 من مدينة الدار البيضاء، تعتبر أول قايدة في فن التبوريدة النسائية.ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي في بروزها على المستوى العالمي، و أبرزت من خلال هذه الفن إلى لفت الانتباه إلى أن النسوة المغربيات يمارسن هذا التراث، و أكدت أنهن شأنهن شأن الرجال في التبوريدة
ازدادت سنة 1997 تعد صحافية و ناشطة، بدأت على اليوتيوب، تعد من أشهر المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي بحيث وصل عدد متتابعيها عالميا إلى أزيد من مليون و تسع مئة متابع (ة).المميز فيها هو ما تقدمه من محتوى هادف و جعله قدوة. اختارت أن تكون اهتماماتها منصبة نحو القضايا الإنسانية، اختارها مركز الشباب العربي كواحدة من بين مئة رائد من الشباب العربي لسنة 2019 للقمة العالمية للحكومات.
زينب فاسيكي أو زينب فاسقي (من مواليد 21 تمّوز/يوليو 1994 في فاس) هي فنانة كاريكاتيرية مغربيّة ومُهندسة ميكانيكية وناشطة في مجال حقوق المرأة بالإضافة إلى نشاطِها في مجال تمكين المرأة والمساواة بينَ الجنسين. اشتهرت زينب من خِلال مشروعٍ لها حملَ اسم «حْشُومَة» وهو عبارة عن مجوعة فنيّة من الصور الكاريكاتيريّة الذي صدر عام 2018 والذي يُصوّر النساء وهنَ عاريات وتدعو فيهِ زينب إلى كسرِ المعايير المزدوجة وقد عُرض مشروع لأوّل مرة في مدريد بإسبانيا قبل أن يُعرض فيما بعد في الرباط. تَهدف زينب فاسقي من خِلال عملها إلى مكافحةِ الرقابة وكسرِ «المحرمات» في المغرب.[23]
لديها كتاب معنون ب “حشومة : الجسد و الجنس في المغرب ” دار النشر ماسو إديسيون، الذي صدر سنة 2019 و هو كتاب حسب موقعها; ” دليل بسيط مرسوم يشرح الهويات الجندرية، التوجهات الجنسية و الجسد، و هي مواضيع لا يمكننا تعلمها سواء في المدرسة أو في الأسرة”.
لمدة 10 سنوات و هي في تعمل في مهنة التمريض، لكن بفعل ظروف اجتماعية انقطعت عن العمل، فوجدت في مواقع التواصل الاجتماعي ملاذا للإبداع و الدخل.
تقوم بتسويق العديد من المنتجات الفنية، عملت العديد من الفيديوهات الهادفة ساعدتها على إيجاد دخل، تم تكريس الإبداع النسوي.إبداعاتها تهم المنتوجات الخاصة بالديكور المنزلي، ذلك عبر إنجازه بوسائل سهلة الشراء، المجهود الوحيد هو الإبداع و هي عبر الإبداعات التي تصممها تمكن المتلقي من إكساب هذه المنتوجات.
إن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت منطلقا لنشر أعمال شعرية، ذلك من خلال الأبيات الشعرية القصيرة التي تأتي مع صورة معبرة عن الإبداع الشعري التي تحمل موضوعا معيشيا سواء الحب، الغيرة…كنموذج أستحضر هنا نجاح بنت حسين بن محمد المساعيد (16 أكتوبر 1977-) شاعرة وإعلامية أردنية تحمل الجنسية الإمارتية.
لقد أضحت كل المجتمعات البشرية في خضم الثورة التكنولوجية التي عرفها هذا القرن، تلك المتعلقة بالطفرة في مجال تطبيقات هذه الوسائط الجديدة و التي تسللت إلى جميع مناحي الحياة سواء في المجال الاجتماعي، الثقافي، الاقتصادي، التجاري…
و المجتمع المغربي بما أنه مجتمع يبتغي تحقيق التطور هو أيضا انغمس في وثيرة التطور التكنولوجي و أصبح هو الآخر يطور و يستورد محتويات إبداعية في مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا لدى النساء، الأمر الذي شكل سلوكيات و أنساق جديدة في البناء العام للمجتمع.
واحتكاك النساء المغربيات بهذه المواقع الاجتماعية عمل بشكل جدري في إحداث تغيرات في بنية التفكير و السلوك النسوي، و انتقل التفكير النسوي من منطلق التمكين إلى الإبداع من خلال عدة مظاهر أدت بطريقة ضمنية إلى تغيير التصورات الدونية حول المرآة.
بقلم: رسل المعموري جبريل عليه السلام هو أقرب ملائكة الله إليه، وصديق النبي صل الله… اقرأ المزيد
أيها القارئ الكريم ظللنا لعقود طويلة ومنا من لا يزال يؤمن أو متأثر بثقافة المنظرة… اقرأ المزيد
بقلم: رسل المعموري ""وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُوا ۗ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا… اقرأ المزيد
ما هي صفات الابن المراهق؟ لسن المراهقة بدايةً بالتمهيد وهو عمر ما قبل سن المراهقة… اقرأ المزيد
أنا فخورة بأنني أمازيغية مغربية، فاللغة الأمازيغية تحمل في طياتها عمق الإحساس وجمالية الطبيعة والثقافة… اقرأ المزيد
لطالما كان الوقوفُ على قدمين منتصبتَين، أو ربّما على قدمٍ واحدة، أو ربما النهوض بلا… اقرأ المزيد